الجمعة، 15 ديسمبر 2017

29 - شرح رياض الصالحين - حديث ( 19 ) جزء ( 2 ) إن الملائكة تضع أجنحتها ل...






       شرح رياض الصالحين ـ الحديث (19) حديث (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم..)
       الجزء(2)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين


ثم ذكر زر بن حبيش لصفوان بن عسال إنه حك في صدره المسح على الخفين بعد البول والغائط.


يعني أن الله تعالى ذكر في القرآن قوله:


( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة: من الآية6)


فيقول إنه حك في صدري؛ أي: صار عندي توقف وشك في المسح على الخفين بعد البول أو الغائط هل هذا جائز أو لا؟


فبين له صفوان بن عسال- رضي الله عنه-


 أن ذلك جائز لأن النبي صلي الله عليه وسلم أمرهم إذا كانوا سفراً أو مسافرين أن لا ينزعوا خفافهم إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم، فدل هذا على جواز المسح على الخفين، بل إن المسح على الخفين أفضل إذا كان الإنسان لابسا لهما.


وقد ثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه-


 أنه كان مع النبي صلي الله عليه وسلم في سفر، فتوضأ النبي صلي الله عليه وسلم فأهوي المغيرة لينزع خفيه فقال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما))


ففي هذا دليل واضح على أن الإنسان الذي عليه جوارب، أو عليه خفان؛ أن الأفضل أن يمسح عليهما ولا يغسل رجليه.


ومنها: أنه ينبغي إذا أشكل على الإنسان شيء أن يسأل ويبحث عمن هو أعلم بهذا الشيء؛ حتى لا يبقي في قلبه حرج مما سمع، لأن بعض الناس يسمع الشيء من الأحكام الشرعية ويكون في نفسه حرج، ويبقي متشككاً متردداً، لا يسأل أحداً يزيل عنه هذه الشبهة، وهذا خطأ، بل الإنسان ينبغي له أن يسأل حتى يصل إلى أمر يطمئن إليه ولا يبقي عنده قلق.


فهذا زر بن حبيش- رحمه الله- سأل صفوان بن عسال- رضي الله عنه- عن المسح على الخفين؛ وهل عنده شيء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، فقال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفراً أو مسافرين ألا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم.


فهذا الحديث فيه دليل علي ثبوت المسح على الخفين


 وقد تواترت الأحاديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم في ذلك، وأخذ بهذا أهل السنة، حتى إن بعض أهل العلم، الذين صنفوا في كتب العقائد، ذكروا المسح على الخفين في كتاب العقائد؛ وذلك لأن الرافضة خالفوا في ذلك؛ فلم يثبتوا المسح على الخفين وأنكروه، والعجب أن ممن روي المسح على الخفين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.


 


ومع ذلك هم ينكرونه ولا يقولون به، فكان المسح على الخفين من شعار أهل السنة ومن الأمور المتوترة عندهم؛ التي ليس عندهم فيها شك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم.


قال الإمام أحمد:


 ((ليس في قلبي من المسح شك))


 أو قال: ((شيء فيه أربعون حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه)) ولكن لابد من


شروط لجواز المسح علي الخفين:


الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة


 لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حينما أراد أن ينزع خفي النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما)) .


ولا فرق بين أن تكون هذه الطهارة قد غسل فيها الرجل، أو مسح فيها على خف سابق.


فمثلاً: لو توضأ وضوءاً كاملاً، وغسل رجليه، ثم لبس الجوارب؛ يعني الشراب أو الخفين، فهما لبسهما على طهارة.


كذلك لو كان قد لبس جوارب من قبل ومسح عليهما، ثم احتاج إلى  زيادة جورب ولبسه على الجورب الأول الذي مسحه- وهو علي طهارة-، فإنه يمسح على الثاني، لكن يكون ابتداء المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني؛ هذا هو القول الصحيح؛ أنه إذا لبس خفا على خف ممسوح فإنه يمسح علي الأعلى، لكن يبني على مدة المسح علي الأول.


ولابد أن تكون الطهارة بالماء، فلو لبسهما علي طهارة تيمم فإنه لا يمسح عليهما


مثل :رجل مسافر ليس معه ماء، فتيمم ولبس الخفين علي طهارة تيمم، ثم بعد ذلك وجد الماء، وأراد أن يتوضأ، ففي هذه الحال لابد أن يخلع الخفين ويغسل قدميه عند الوضوء، ولا يجوز المسح عليهما في هذه الحال، لأنه لم يلبسهما على طهارة غسل فيها الرجل، فإن التيمم يتعلق بعضوين فقط؛ وهما الوجه والكفان.
الشرط الثاني:


 أن يكون المسح عليهما في الحدث الأصغر


 ولهذا قال صفوان بن عسال: ((إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم))


 فإذا صار علي الإنسان جنابة؛ فإنه لا يجزئ أن يمسح على الجوربين أو الخفين، بل لابد من نزعهما وغسل القدمين؛ وذلك لأن الطهارة الكبرى ليس فيها مسح إلا للضرورة في الجبيرة، ولهذا لا يمسح فيها الرأس، بل لابد من غسل الرأس - مع أنه في الحدث الأصغر يمسح؛ لكن الجنابة طهارتها أوكد وحدثها أكبر، فلابد من الغسل، ولا يمسح فيها على الخف؛ لهذا الحديث، ولأن المعني والقياس يقتضي ذلك.


الشرط الثالث:


أن يكون المسح في المدة التي حددها النبي صلي الله عليه وسلم وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر


كما صح ذلك أيضاً من حديث على بن أبى طالب_ رضي الله عنه- في صحيح مسلم قال: ((جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم)) يعني: في المسح علي الخفين:


فإذا انتهت المدة فلا مسح، لابد أن يخلع الجوربين أو الخفين، ثم يغسل القدمين، ولكن إذا انتهت المدة وأنت على طهارة فاستمر على طهارتك، لا تنقض الطهارة، ولكن ذا أردت أن تتوضأ بعد انتهاء المدة فلابد من غسل القدمين.
                 وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
                 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق