نوير بنت سالم القحطاني بكالوريوس كلية الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية + دبلوم إشراف تربوي هذه المدونة تحتوى على دروس في العقيدة الإسلامية والفقة والسيرة النبوية والحديث والمحاضرات الوعظية مستمدة من القرآن وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن علماء السلف الصالح quran0808 مدونة تفسير القرآن الكريم
السبت، 30 ديسمبر 2017
الجمعة، 15 ديسمبر 2017
30 - شرح رياض الصالحين - حديث ( 19 ) جزء ( 3 ) إن الملائكة تضع أجنحتها ل...
شرح رياض الصالحين ـ الحديث (19) حديث (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم..) الجزء (3)
ثم إن زر بن حبيش سأل صفوان بن عسال: هل سمع من النبي صلي
الله عليه وسلم يقول في الهوى شيئاً؟
الهوى: المحبة والميل، فقال: نعم، ثم ذكر قصة الأعرابي
الذي كان جهوري الصوت فجاء ينادي: يا محمد؛ بصوت مرتفع.
فقيل له: ويحك أتنادي رسول الله صلي الله عليه وسلم بصوت مرتفع؟
والله
- عز وجل- يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ
فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ
أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات: 2)
ولكن الأعراب لا يعرفون الآداب
كثيراً؛ لأنهم بعيدون عن المدن وبعيدون عن العلم.
فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم بصوت مرتفع كما سأل الأعرابي، لأن رسول
الله صلي الله عليه وسلم أكمل الناس هدياً، يعطي كل إنسان بقدر ما يتحمله عقله، فخاطبه
النبي صلي الله عليه وسلم بمثل ما خاطبه به،
قال له الأعرابي:
((المرء
يحب القوم ولما يلحق بهم))
يعني: يحب القوم ولكن عمله دون علمهم؛ لا يساويهم في العمل، مع من يكون؟
أيكون معهم أو لا؟
فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب يوم القيامة))
نعمة عظيمة - ولله الحمد-
وقد روي أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن الرسول صلي الله
عليه وسلم
قال لرجل يحب الله ورسوله:
((إنك مع من أحببت))
قال أنس: ((فأنا أحب رسول الله صلي الله عليه وسلم
وأبا بكر عمر وأرجو أن أكون معهم)) .
وهكذا أيضاً نحن نشهد الله - عز وجل- على محبة رسول الله صلي الله عليه
وسلم، وخلفائه الراشدين، وصحابته، وأئمة الهدي من بعدهم، ونسأل الله أن يجعلنا معهم. هذه بشري للإنسان؛ أنه إذا احب قوما صار
معهم وإن قصر به عمله؛ يكون معهم في الجنة ويجمعه الله معهم في الحشر، ويشربون من حوض
الرسول صلي الله عليه وسلم جميعاً
وهكذا.. كما أن من أحب الكفرة فإنه ربما يكون معهم _ والعياذ بالله- لأن
محبة الكافرين حرام، وأن يعلم أنهم أعداء له مهما أبدوا من الصداقة والمودة والمحبة؛
فإنهم لن يتقربوا إليك لمصلحتك فهذا شيء بعيد. إن كان يمكن أن نجمع بين الماء والنار،
فيمكن أن نجمع بين محبة الكفار لنا وعداوتهم لنا؛ لأن الله تعالى سماهم أعداء
قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ) (الممتحنة:
من الآية1)
وقال عز وجل:( مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ
وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 98) .
فكل كافر فإن الله عدو له، وكل كافر فإنه عدو لنا، وكل كافر فإنه لا يضمر
لنا إلا الشر.
ولهذا يجب عليك أن تكره من قلبك كل كافر مهما كان جنسه، ومهما كان تقربه
إليك فاعلم أنه عدؤك.
قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) (الممتحنة: من الآية1)
إذا نأخذ من هذه قاعدة أصلها النبي - عليه الصلاة والسلام- ألا وهي:
((المرء مع من أحب)) فعليك يا أخي أن تشد قلبك على محبة الله تعالى ،
ورسوله، وخلفائه الراشدين، وصحابته الكرام، وأئمة الهدي من بعدهم لتكون معهم.
نسأل الله أن يحقق لنا ذلك بمنه وكرمه والله الموفق.
وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
29 - شرح رياض الصالحين - حديث ( 19 ) جزء ( 2 ) إن الملائكة تضع أجنحتها ل...
شرح رياض الصالحين ـ الحديث (19) حديث (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم..)
الجزء(2)
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
ثم ذكر زر بن حبيش لصفوان بن عسال إنه حك في صدره المسح
على الخفين بعد البول والغائط.
يعني أن الله تعالى ذكر في القرآن قوله:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ
إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة: من الآية6)
فيقول إنه حك في صدري؛ أي: صار عندي توقف وشك في المسح
على الخفين بعد البول أو الغائط هل هذا جائز أو لا؟
فبين له صفوان بن عسال- رضي الله عنه-
أن ذلك جائز لأن النبي صلي الله
عليه وسلم أمرهم إذا كانوا سفراً أو مسافرين أن لا ينزعوا خفافهم إلا من جنابة ولكن
من غائط وبول ونوم، فدل هذا على جواز المسح على الخفين، بل إن المسح على الخفين أفضل
إذا كان الإنسان لابسا لهما.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة- رضي الله
عنه-
أنه كان مع النبي صلي الله عليه
وسلم في سفر، فتوضأ النبي صلي الله عليه وسلم فأهوي المغيرة لينزع خفيه فقال: ((دعهما
فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما))
ففي هذا دليل واضح على أن الإنسان الذي عليه جوارب، أو عليه خفان؛ أن
الأفضل أن يمسح عليهما ولا يغسل رجليه.
ومنها: أنه ينبغي إذا أشكل على الإنسان شيء أن
يسأل ويبحث عمن هو أعلم بهذا الشيء؛ حتى لا يبقي في قلبه حرج مما سمع، لأن بعض الناس
يسمع الشيء من الأحكام الشرعية ويكون في نفسه حرج، ويبقي متشككاً متردداً، لا يسأل
أحداً يزيل عنه هذه الشبهة، وهذا خطأ، بل الإنسان ينبغي له أن يسأل حتى يصل إلى أمر
يطمئن إليه ولا يبقي عنده قلق.
فهذا زر بن حبيش- رحمه الله- سأل صفوان بن عسال- رضي الله عنه- عن المسح
على الخفين؛ وهل عنده شيء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، فقال: نعم، كان
يأمرنا إذا كنا سفراً أو مسافرين ألا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول
ونوم.
فهذا الحديث فيه دليل علي ثبوت المسح على الخفين
وقد تواترت الأحاديث عن الرسول
صلي الله عليه وسلم في ذلك، وأخذ بهذا أهل السنة، حتى إن بعض أهل
العلم، الذين صنفوا في كتب العقائد، ذكروا المسح على الخفين في كتاب العقائد؛ وذلك
لأن الرافضة خالفوا في ذلك؛ فلم يثبتوا المسح على الخفين وأنكروه، والعجب أن ممن روي
المسح على الخفين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومع ذلك هم ينكرونه ولا يقولون به، فكان المسح على الخفين من شعار أهل
السنة ومن الأمور المتوترة عندهم؛ التي ليس عندهم فيها شك عن رسول الله صلي الله عليه
وسلم.
قال الإمام أحمد:
((ليس في قلبي من المسح شك))
أو
قال: ((شيء فيه أربعون حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه)) ولكن لابد
من
شروط لجواز المسح علي الخفين:
الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة
لأن النبي صلي
الله عليه وسلم قال للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حينما أراد أن ينزع خفي النبي صلي الله
عليه وسلم قال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما)) .
ولا فرق بين أن تكون هذه الطهارة قد غسل فيها الرجل، أو مسح فيها على
خف سابق.
فمثلاً: لو توضأ وضوءاً كاملاً، وغسل رجليه، ثم
لبس الجوارب؛ يعني الشراب أو الخفين، فهما لبسهما على طهارة.
كذلك لو كان قد لبس جوارب من قبل ومسح عليهما، ثم احتاج إلى زيادة جورب ولبسه على الجورب الأول الذي
مسحه- وهو علي طهارة-، فإنه يمسح على الثاني، لكن يكون ابتداء المدة من المسح على الأول
لا من المسح على الثاني؛ هذا هو القول الصحيح؛ أنه إذا لبس خفا على خف ممسوح فإنه يمسح
علي الأعلى، لكن يبني على مدة المسح علي الأول.
ولابد أن تكون الطهارة بالماء، فلو لبسهما علي طهارة تيمم فإنه لا يمسح
عليهما
مثل :رجل مسافر ليس معه ماء، فتيمم ولبس الخفين علي
طهارة تيمم، ثم بعد ذلك وجد الماء، وأراد أن يتوضأ، ففي هذه الحال لابد أن يخلع الخفين
ويغسل قدميه عند الوضوء، ولا يجوز المسح عليهما في هذه الحال، لأنه لم يلبسهما على
طهارة غسل فيها الرجل، فإن التيمم يتعلق بعضوين فقط؛ وهما الوجه والكفان.
الشرط الثاني:
أن يكون المسح عليهما في الحدث
الأصغر
ولهذا قال صفوان
بن عسال:
((إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم))
فإذا صار علي الإنسان جنابة؛
فإنه لا يجزئ أن يمسح على الجوربين أو الخفين، بل لابد من نزعهما وغسل القدمين؛ وذلك
لأن الطهارة الكبرى ليس فيها مسح إلا للضرورة في الجبيرة، ولهذا لا يمسح فيها الرأس،
بل لابد من غسل الرأس - مع أنه في الحدث الأصغر يمسح؛ لكن الجنابة طهارتها أوكد وحدثها
أكبر، فلابد من الغسل، ولا يمسح فيها على الخف؛ لهذا الحديث، ولأن المعني والقياس يقتضي
ذلك.
الشرط الثالث:
أن يكون المسح في المدة التي حددها النبي صلي الله عليه وسلم وهي يوم
وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر
كما صح ذلك أيضاً من حديث على بن أبى طالب_ رضي الله عنه-
في صحيح مسلم قال: ((جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما
وليلة للمقيم)) يعني: في المسح علي الخفين:
فإذا انتهت المدة فلا مسح، لابد أن يخلع الجوربين أو الخفين، ثم يغسل
القدمين، ولكن إذا انتهت المدة وأنت على طهارة فاستمر على طهارتك، لا تنقض الطهارة،
ولكن ذا أردت أن تتوضأ بعد انتهاء المدة فلابد من غسل القدمين.
وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
28 - شرح رياض الصالحين - الحديث ( 19 ) الجزء ( 1 ) إن الملائكة تضع أجنحت...
شرح رياض الصالحين ـ الحديث (19) حديث (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم..) الجزء(1)
الحمد الله والصلاة والسلام
على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
19- وعن زر بن حبيش قال:
أتيت صفوان بن عسال- رضي الله عنه-اسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك يا زر؟
فقلت: ابتغاء العلم فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب، فقلت:
إنه قد حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرءا من أصحاب النبي
عليه الصلاة والسلام فجئت أسألك: هل سمعته يذكر في ذلك شيئاً؟ قال: نعم، كان يأمرنا
إذا كنا سفرا- أو مسافرين- أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن
من غائط وبول ونوم، فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئاً؟ قال: نعم: كنا مع رسول الله
صلي الله عليه وسلم فأجابه رسول الله صلي الله عليه وسلم نحوا من صوته: ((هاؤم)) فقلت
له: ويحك أغضض، قال الإعرابي: المرء يحب القوم ولما يحلق بهم؟ قال النبي صلي الله عليه
وسلم: المرء مع من أحب يوم القيامة)) فما زال يحثنا حتى ذكر بابا من المغرب مسيرة سفيان-
أحد الرواة-: قبل الشام، خلقه الله - تعالي- يوم خلق السماوات والأرض مفتوحاً للتوبة،
لا يغلق حتى تطلع الشمس منه)) (رواه الترمذي وغيره وقال: حديث حسن صحيح)
شرح الحديث.
هذا الحديث من أحاديث التوبة التي ساقها المؤلف - رحمه الله- في بيان
متى تنقطع التوبة.
لكنه
يشتمل على فوائد:
منها: أن زر بن حبيش أتي إلي صفوان بن عسال- رضي
الله عنه- من أجل العلم- يبتغي العلم- فقال له صفوان بن عسال: ((إن الملائكة لتضع أجنحتها
لطالب العلم رضي بما يطلب)) .
وهذه فائدة عظيمة تدل على فضيلة العلم، وطلب العلم؛ والمراد به العلم
الشرعي، أي: علم ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم أما علم الدنيا فللدنيا، لكن طلب
العلم الذي جاء به النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي فيه الثناء والمدح، والحث عليه
في القرآن والسنة. وهو نوع من الجهاد في سبيل الله،
لأن هذا الدين قام بأمرين:
قام 1) بالعلم والبيان،
2) بالسلاح: بالسيف والسنان.
حتى إن بعض العلماء قال:
((إن طلب العلم أفضل من الجهاد
في سبيل الله بالسلاح))
لأن حفظ الشريعة إنما يكون بالعلم، والجهاد بالسلاح في سبيل الله مبني
على العلم، لا يسير المجاهد، ولا يقاتل، ولا يحجم، ولا يقسم الغنيمة، ولا يحكم بالأسرى؛
إلا عن طريق العلم، فالعلم هو كل شيء.
ولهذا قال الله عز وجل:
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
دَرَجَاتٍ) (المجادلة:
من الآية11)
ووضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب واحتراماً له، وتعظيماً
له،
ولا يرد على هذا أن يقول القائل: أنا لا أحس بذلك؟ لأنه
إذا صح بذلك؟ لأنه إذا صح الخبر عن الرسول صلي الله عليه وسلم فإنه كالمشاهد عيانا.
أرأيت قوله صلي الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا- تبارك وتعالي- كل ليلة إلي
السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟
من يستغفرني فأغفر له)) .
الاثنين، 20 نوفمبر 2017
الاثنين، 9 أكتوبر 2017
تفسير سورة القدر الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله
{بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} سورة القدر{1 - 5}
التفسير:
يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره:
{إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي
لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} وذلك أن الله تعالى ، ابتدأ بإنزاله في رمضان في ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة
عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون
في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها
فقال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي: تعادل من فضلها ألف
شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر ، وهذا مما تتحير فيه الألباب،
وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة
يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين
سنة.
{تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} أي: يكثر نزولهم فيها
{مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ} أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها،
{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع
الفجر.
وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه،
خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر
الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر والله أعلم .
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الأربعاء، 4 أكتوبر 2017
تفسير سورة البينة االشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
* رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا
تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ
* وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا
الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ
هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ
هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}سورة البينة {1 - 8} .
التفسير:
يقول تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ}
أي: [من] اليهود والنصارى
{وَالْمُشْرِكِينَ}
من سائر أصناف الأمم.
{مُنْفَكِّينَ} عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا
يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرًا.
{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة
فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} أي: أرسله الله،
يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم
من الظلمات إلى النور،
ولهذا قال: {يَتْلُو
صُحُفًا مُطَهَّرَةً}
أي: محفوظة عن قربان الشياطين،
لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
ولهذا قال عنها: {فِيهَا} أي: في تلك الصحف
{كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى
الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له
مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم
وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا
{إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}
التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى
إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا
في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا {اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ}
أي : قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه،
{حُنَفَاءَ} أي: معرضين مائلين عن سائر الأديان
المخالفة لدين التوحيد.
س: لماذا خص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في
قوله {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ}؟
خص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ} لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع
الدين.
{وَذَلِكَ} أي التوحيد والإخلاص في الدين،
هو {دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: الدين
المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة،
فقال: {إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها،
{خَالِدِينَ فِيهَا} لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون،
{أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} لأنهم
عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ
هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة.
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
الخميس، 28 سبتمبر 2017
الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017
27 - شرح رياض الصالحين (16) إن الله يبسط يده (17)من تاب قبل أن تطلع الشم...
شرح رياض الصالحين (16) إن
الله يبسط يده (17)من تاب قبل أن تطلع الشمس(18)إن الله يقبل توبة العبد
الحمد الله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
16- وعن أبي موسى عبد الله قيس الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي عليه
الصلاة والسلام
قال: ((إن الله تعالي يبسط يده
بالليل مسيء النهارويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))
رواه
مسلم.
17- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)) (رواه مسلم) .
18- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما-
عن النبي عليه الصلاة والسلام
قال: ((إن الله - عز وجل - يقبل
توبة العبد ما لم يغرغر)) . (رواه الترمذي) وقال: حديث حسن.
هذه الأحاديث الثلاثة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله- كلها
تتعلق بالتوبة.
أما حديث أبي موسى فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم:
(إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسي النهار، ويبسط يده
بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم.
العبد إذا أذنب وتاب في النهار فإن الله- تعالى- يقبل توبته بل إنه -
تعالي- يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
وفي هذا الحديث:
دليل على محبة الله- سبحانه وتعالي- للتوبة،
وقد سبق في الحديث السابق - في قصة الرجل الذي أضل راحلته حتى وجدها-: أن الله يفرح
بتوبة عبده المؤمن إذا تاب إليه اشد فرحاً من هذا براحلته.
ومن فوائد حديث أبي موسي:
إثبات أن الله - تعالي- له يده، وهو كذلك،
بل له يدان جل وعلا- كما قال تعالى
( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (المائدة: من الآية64)
وهذه اليد التي أثبتها الله لنفسه-
بل اليدان- يجب علينا أن نؤمن بهما؛ وأنهما ثابتتان لله.
ولكن لا يجوز أن نتوهم أنها مثل أيدينا؛ لأن الله يقول في كتابه:
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية11)
وهكذا كل ما مر بك من صفات الله فأثبتها لله- عز وجل- لكن بدون أن تمثلها
بصفات المخلوقين؛ لأن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته عز وجل.
وهذا من كرمه- عز وجل- أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخرت فإذا أذنب
الإنسان ذنباً في النهار، فإن الله- تعالي- يقبل توبته ولو تاب في
الليل. إذا أذنب وتاب في النهار فإن الله-تعالي- يقبل توبته بل إنه -
تعالي- يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
وفي هذا الحديث:
دليل على محبة الله- سبحانه وتعالي-
للتوبة، وقد سبق في الحديث السابق - في قصة الرجل الذي أضل راحلته حتى وجدها-: أن الله
يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب إليه اشد فرحاً من هذا براحلته.
ومن فوائد حديث أبي موسي:
إثبات أن الله - تعالى- له يده،
وهو كذلك، بل له يدان جل وعلا- كما قال تعالى
( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (المائدة: من الآية64)
وهذه اليد التي أثبتها الله لنفسه- بل اليدان- يجب علينا أن نؤمن بهما؛
وأنهما ثابتتان لله.
ولكن لا يجوز أن نتوهم أنها مثل أيدينا؛ لأن الله يقول في كتابه:
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية11)
وهكذا كل ما مر بك من صفات الله
فأثبتها لله- عز وجل- لكن بدون أن تمثلها بصفات المخلوقين؛ لأن الله ليس كمثله شيء؛
لا في ذاته، ولا في صفاته عز وجل.
17- وعن أبي هريرة -
رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من
مغربها تاب الله عليه)) (رواه مسلم) .
وفي هذا الحديث:
أن الله- سبحانه وتعالي- يقبل
توبة العبد وإن تأخرت، لكن المبادرة بالتوبة هي الواجب؛ لأن الإنسان لا يدري، فقد يفجأه
الموت فيموت قبل أن يتوب. فالواجب المبادرة، لكن مع ذلك، لو تأخرت تاب الله على العبد.
وفي هذا الحديث:
دليل على أن الشمس إذا طلعت من
مغربها، انتهي قبول التوبة. وقد يسأل السائل، يقول: هل الشمس تطلع من مغربها؟ المعروف
أن الشمس تطلع من المشرق؟!
فنقول:
نعم هذا هو المعروف، وهذا هو المطرد منذ خلق الله الشمس إلي يومنا هذا.
لكن في آخر الزمان يأمر الله الشمس أن ترجع من حيث جاءت فتنعكس الدورة، وتطلع من مغربها،
فإذا رآها الناس آمنوا كلهم، حتى الكفار اليهود، والنصارى، والبوذيون، والشيوعيون،
وغيرهم؛ كلهم يؤمنون. ولكن الذي لم يؤمن قبل أن تطلع الشمس من مغربها لا ينفعه إيمانه.
كل يتوب أيضاً، لكن الذي لم يتب قبل أن تطلع الشمس من مغربها لا تقبل
توبته؛ لأن هذه آية يشهدها كل أحد، وإذا جاءت الآيات المنذرة لم تنفع التوبة ولم ينفع
الإيمان!
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه في أن الله -سبحانه وتعالي- يقبل التوبة
ما لم تطلع الشمس من مغربها فهو كحديث أبي موسى.
18- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي
الله عنهما- عن النبي عليه الصلاة والسلام
قال: ((إن الله
- عز وجل - يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) . (رواه الترمذي) وقال: حديث
حسن.
قوله: (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر)
أي: ما لم تصل الروح الحلقوم،
فإذا وصلت الروح الحلقوم فلا توبة، وقد بينت النصوص الأخرى أنه إذا حضر الموت توبة؛
لقوله تعالى( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ
إِنِّي تُبْتُ الْآن) (النساء: من الآية18) .
فعليك يا أخي المسلم أن تبادر بالتوبة إلي الله - عز وجل- من الذنوب،
وأن تقلع عما كنت متلبسا به من المعاصي، وأن تقوم بما فرطت به من الواجبات، وتسأل الله
قبول توبتك. والله الموفق.(
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
السبت، 22 يوليو 2017
26 - شرح رياض الصالحين - الحديث ( 15 ) - لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سق...
شرح الحديث الخامس عشر من رياض الصالحين للشيخ محمد العثيمين رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله صلي
الله عليه وسلم _ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((لله أفرح
بتوبة عبده من أحدكم: سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة)) (متفق عليه) .
وفي رواية لمسلم: ((لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتي شجرة فاضطجع في ظلها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)) .
قوله- رحمه الله- ((خادم النبي صلي الله عليه وسلم))
وفي رواية لمسلم: ((لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتي شجرة فاضطجع في ظلها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)) .
قوله- رحمه الله- ((خادم النبي صلي الله عليه وسلم))
وذلك أن أنساً - رضي الله عنه- حين قدم النبي عليه الصلاة
والسلام المدينة أتت به أمة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالت له: هذا أنس
ابن مالك يخدمك، فقبل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك، وصار أنس من خدام النبي عليه
الصلاة والسلام.
ذكر أنس- رضي الله عنه-
ذكر أنس- رضي الله عنه-
أن الرسول صلي الله
عليه وسلم قال: ((لله أشد فرحاً بتوبة عبده إذا تاب إليه))
من هذا الرجل الذي سقط على راحلته بعد أن أضلها،
وذكر القصة: رجل كان في
أرض فلاة، ليس حوله أحد، لا ماء ولا طعام ولا أناس.. ضل بعيره: أي ضاع، فجعل يطلبه
فلم يجده، فذهب إلي شجرة ونام تحتها ينتظر الموت! قد أيس من بعيره، وأيس من حياته؛
لأن طعامه وشرابه على بعيره، والبعير قد ضاع، فبينما هو كذلك إذا بناقته عنده قد
تعلق خطامها بالشجرة التي هو نائم تحتها. فبأي شيء يقدر هذا الفرح؟ هذا الفرح لا
يمكن أن يتصوره أحد إلا من وقع في مثل هذه الحال!! لأنه فرح عظيم، فرح بالحياة بعد
الموت، ولهذا أخذ بالخطام فقال: ((اللهم
أنت عبدي وأنا ربك)) !! أراد
أن يثني على الله فيقول:
((اللهم أنت ربي وأنا
عبدك)) لكن من شدة فرحه أخطأ..فقلب القضية.. وقال:
اللهم أنت عبدي وأنا ربك.
في هذا الحديث من الفوائد: دليل على فرح الله - عز وجل- بالتوبة من عبده إذا تاب إليه، وأنه يحب ذلك- سبحانه وتعالي- محبة عظيمة، ولكن لا لأجل حاجته إلي أعمالنا وتوبتنا؛ فالله غني عنا، ولكن لمحبته سبحانه للكرم؛ فإنه يحب - سبحانه وتعالي- يفرح، ويغضب، ويكره ويحب، لكن هذه الصفات ليست كصفاتنا؛ لأن الله يقول:) ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية11)
في هذا الحديث من الفوائد: دليل على فرح الله - عز وجل- بالتوبة من عبده إذا تاب إليه، وأنه يحب ذلك- سبحانه وتعالي- محبة عظيمة، ولكن لا لأجل حاجته إلي أعمالنا وتوبتنا؛ فالله غني عنا، ولكن لمحبته سبحانه للكرم؛ فإنه يحب - سبحانه وتعالي- يفرح، ويغضب، ويكره ويحب، لكن هذه الصفات ليست كصفاتنا؛ لأن الله يقول:) ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية11)
بل هوفرح يليق بعظمته
وجلاله ولا يشبه فرح المخلوقين.
وفيه: دليل على أن الإنسان إذا أخطأ في قول من الأقوال ولو كان كفرا سبق لسانه إليه؛ فإنه لا يؤاخذ فهذا الرجل قال كلمة كفر؛ لأن قول سبق اللسان لربه: أنت عبدي وأنا ربك هذا كفر لا شك، لكن لما صدر عن خطأ من شدة الفرح _ أخطأ ولم يعرف أن يتكلم-صار غير مؤاخذ به، فإذا أخطأ الإنسان في كلمة؛ كلمة كفر؛ فإنه لا يؤاخذ بها، وكذلك غيرها من الكلمات؛ لو سب أحدا على وجه الخطأ بدون قصد، أو طلق زوجته على وجه الخطأ بدون قصد، أو أعتق عبده على وجه الخطأ بدون قصد، فكل هذا لا يترتب عليه شيء؛ لأن الإنسان لم يقصده، فهو كاللغو في اليمين، وقد قال الله تعالي:) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) (البقرة: من الآية225)
وفيه: دليل على أن الإنسان إذا أخطأ في قول من الأقوال ولو كان كفرا سبق لسانه إليه؛ فإنه لا يؤاخذ فهذا الرجل قال كلمة كفر؛ لأن قول سبق اللسان لربه: أنت عبدي وأنا ربك هذا كفر لا شك، لكن لما صدر عن خطأ من شدة الفرح _ أخطأ ولم يعرف أن يتكلم-صار غير مؤاخذ به، فإذا أخطأ الإنسان في كلمة؛ كلمة كفر؛ فإنه لا يؤاخذ بها، وكذلك غيرها من الكلمات؛ لو سب أحدا على وجه الخطأ بدون قصد، أو طلق زوجته على وجه الخطأ بدون قصد، أو أعتق عبده على وجه الخطأ بدون قصد، فكل هذا لا يترتب عليه شيء؛ لأن الإنسان لم يقصده، فهو كاللغو في اليمين، وقد قال الله تعالي:) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) (البقرة: من الآية225)
بخلاف المستهزئ فإن
المستهزئ يكفر إذا قال كلمة الكفر، ولو كان مستهزئا؛ لقول الله سبحانه) وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ
وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ
كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (التوبة:
من الآية65/66)
فالمستهزئ قصد الكلام،
وقصدمعناه؛ لكن على سبيل السخرية والهزء؛ فلذلك كان كافراً، بخلاف الإنسان الذي لم
يقصده؛ فإنه لا يعتبر قوله شيئاً.
وهذا من رحمة الله - عز وجل- والله الموفق.
وهذا من رحمة الله - عز وجل- والله الموفق.
وصل الله
على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
السبت، 8 يوليو 2017
الثلاثاء، 27 يونيو 2017
الثلاثاء، 13 يونيو 2017
الثلاثاء، 9 مايو 2017
25 - شرح رياض الصالحين -الحديث( 13 ) والله إني لأستغفر الله -الحديث(14) ...
شرح حديثي الثالث عشر والرابع عشر (من رياض الصالحين) الشيخ محمد
العيثين رحمه الله
شرح حديثي الثالث عشر والرابع عشر (من رياض الصالحين) الشيخ
محمد
العيثين رحمه الله
13ـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول
الله صلي الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر
من سبعين مرة)) (رواه البخاري) .
14- وعن الأعز بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلي الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة)) (رواه مسلم) .
شرح الحديثين:
14- وعن الأعز بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلي الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة)) (رواه مسلم) .
شرح الحديثين:
ففي هذين الحديثين دليل
على وجوب التوبة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بها فقال: ((يا أيها الناس
توبوا إلي الله)) فإذا تاب الإنسان إلي ربه حصل بذلك فائدتين:
الفائدة الأولي:
الفائدة الأولي:
امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله
ورسوله كل الخير. فعلي امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.
والفائدة الثانية:
والفائدة الثانية:
الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم. حيث
كان صلي الله عليه وسلم يتوب إلي الله في اليوم مائة مرة؛ يعني: يقول: أتوب إلي
الله، أتوب إلي الله …
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا تاب الإنسان إلي الله أقلع عن الذنب. أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه منطو على فعل المعصية، أو على ترك الواجب. أو يتوب إلي الله بلسانه، وجوارحه مصرة على فعل
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا تاب الإنسان إلي الله أقلع عن الذنب. أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه منطو على فعل المعصية، أو على ترك الواجب. أو يتوب إلي الله بلسانه، وجوارحه مصرة على فعل
المعصية؛ فإن توبته لا
تنفعه، بل إنها أشبه ما تكون بالاستهزاء بالله عز وجل!
كيف تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت مصر عليها، أو تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت عازم علي فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصل من أمر عندي وهو متلبس به؟ ما هذا إلا هزو ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنه- والعياذ بالله مصر عليه!! يمارس الربا صريحا، ويمارس الربا مخادعة، وقد مر بنا كثيراً أن الذي يمارس الربا مخادعة أعظم إثما وجرما من الذي يمارس الربا بالصراحة.
كيف تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت مصر عليها، أو تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت عازم علي فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصل من أمر عندي وهو متلبس به؟ ما هذا إلا هزو ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنه- والعياذ بالله مصر عليه!! يمارس الربا صريحا، ويمارس الربا مخادعة، وقد مر بنا كثيراً أن الذي يمارس الربا مخادعة أعظم إثما وجرما من الذي يمارس الربا بالصراحة.
لأن الذي يمارس الربا
بالمخادعة جنى علة نفسه مرتين:
أولاً: الوقوع في الربا.
وثانياً: مخادعة الله- عز وجل - وكان الله- سبحانه وتعالي- لا يعلم. وهذا يوجد كثيرا في الناس اليوم الذين يتعاملون في الربا صريحاً، أمرهم واضح، لكن من الناس من يتعامل في الربا خيانة ومخادعة؛ تجد عنده أموالاً لها سنوات عديدة في الدكان، فيأتي الغني بشخص فقير يوقده للمذبحة والعياذ بالله!! فيأتي إلي صاحب الدكان الذي عنده هذه البضاعة، ويبيعها على الفقير بالدين بيعاً صورياً. وكل يعلم أنه ليس بيعاً حقيقياً؛ لأن هذا المشتري - المدين- لا يقلب المال، ولا ينظر إليه، ولا يهمه، بل لو كان أكياساً من الرمل ويبعث عليه علي أنها رز أو سكر أخذها؛ لأنه لا يهمه؛ الذي يهمه أن يقضي حاجة فيبيعها عليه - مثلاً-
أولاً: الوقوع في الربا.
وثانياً: مخادعة الله- عز وجل - وكان الله- سبحانه وتعالي- لا يعلم. وهذا يوجد كثيرا في الناس اليوم الذين يتعاملون في الربا صريحاً، أمرهم واضح، لكن من الناس من يتعامل في الربا خيانة ومخادعة؛ تجد عنده أموالاً لها سنوات عديدة في الدكان، فيأتي الغني بشخص فقير يوقده للمذبحة والعياذ بالله!! فيأتي إلي صاحب الدكان الذي عنده هذه البضاعة، ويبيعها على الفقير بالدين بيعاً صورياً. وكل يعلم أنه ليس بيعاً حقيقياً؛ لأن هذا المشتري - المدين- لا يقلب المال، ولا ينظر إليه، ولا يهمه، بل لو كان أكياساً من الرمل ويبعث عليه علي أنها رز أو سكر أخذها؛ لأنه لا يهمه؛ الذي يهمه أن يقضي حاجة فيبيعها عليه - مثلاً-
ونكرها، ونندم علي
فعلها؛ حتى تكون التوبة توبة نصوحاً.
وفي هذين الحديثين:
وفي هذين الحديثين:
دليل على أن نبينا
محمداً صلي الله عليه وسلم اشد الناس عبادة لله، وهو كذلك، فإنه أخشانا لله،
وأتقانا لله، وأعلمنا بالله صلوات الله وسلامه عليه.
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام معلم الخير بمقاله وفعاله.
فكان يستغفر الله، ويأمر الناس بالاستغفار؛ حتى يتأسوا به امتثالاً للأمر واتباعا للفعل.
وهذا من كمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه لأمته. فينبغي لنا نحن أيضاً أن نتأسي به، إذا امرنا الناس بأمر أن نكون أول من يمتثل هذا الأمر، وإذا نهيناهم عن شيء أن نكون أول من ينتهي عنه، لأن هذا هو حقيقة الداعي إلي الله، بل هذا حقيقة الدعوة غلي الله عز وجل؛ أن تفعل ما تؤمر به، وتترك ما تنهي عنه. كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يأمرنا التوبة .
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام معلم الخير بمقاله وفعاله.
فكان يستغفر الله، ويأمر الناس بالاستغفار؛ حتى يتأسوا به امتثالاً للأمر واتباعا للفعل.
وهذا من كمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه لأمته. فينبغي لنا نحن أيضاً أن نتأسي به، إذا امرنا الناس بأمر أن نكون أول من يمتثل هذا الأمر، وإذا نهيناهم عن شيء أن نكون أول من ينتهي عنه، لأن هذا هو حقيقة الداعي إلي الله، بل هذا حقيقة الدعوة غلي الله عز وجل؛ أن تفعل ما تؤمر به، وتترك ما تنهي عنه. كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يأمرنا التوبة .
صل الله على نبينا
محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)