الجمعة، 5 مارس 2021




شرح كتاب رياض الصالحين (1- باب الإخلاص وإحضار النيةَّ)

حديث عائشة رضي الله عنها(لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

قال المؤلف رحمه الله :

3) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». متفق عليه.

ومعناه: لا هجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام

                            

 

* لا هجرة بعد الفتح.

قوله ﷺ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ»

قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

هذا الحديث نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة بعد الفتح

«لَا هِجْرَةَ» المراد بالنفي هنا نفي الهجرة من مكة ,لأن مكة بعد الفتح صارت بلاد إسلام ولن تعود بعد ذلك بلاد كفر.

دليل على أن مكة لن تعود لتكون بلاد كفر بل ستبقى بلاد إسلام إلى أن تقوم الساعة أو إلى أن يشاء الله .(شرح كتاب رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين 1/ 24ـ25)

 

                            

 

س: كيف نوافق بين هذا الحديث (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ) وبين حديث (لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التوبةُ )؟

* قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله:

ومعناه عند أهل العلم: لا هجرة من مكة بعدما فتحها الله على نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس المعنى نفي الهجرة بالكلية لا.

المراد: لا هجرة بعد الفتح يعني: من مكة إلى المدينة؛ لأن الله سبحانه جعلها دار إسلام بعد فتحها، فلم يبق هناك حاجة إلى الهجرة منها، بل المسلمون فيها يبقون فيها.

وأما الهجرة نفسها فهي باقية؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح:

« لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»(أخرجه أبو داود رقم (2479)كتاب الجهاد وأحمد في المسند (4/ 99)وهو في صحيح الجامع رقم)7469)

 

                             

* الأمر بالجهاد .

قوله ﷺ «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ»

* قال الشيخ محمد العثيمين :

«وَلَكِنْ جِهَادٌ »الأمر بعد هذا جهاد؛ أي: يخرج أهلُ مكَّة من مكَّة إلى الجهاد.

« وَنِيَّةٌ » النِّيَّة الصالحة للجهاد في سبيل الله، وذلك بأن ينوي الإنسانُ بجهاده، أن تكون كلمة الله هي العليا.

 وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ (أي: يُجْرَح) إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ».

فأنظر كيف اشترط النبي صلى الله عليه وسلم للشهادة أن يكون الإنسانُ يقاتل في سبيل الله؛ والقتال في سبيل الله: أن يُقَاتِلَ لتكون كلمة الله هي العليا.( شرح كتاب رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين 1/ 25ـ 28)

                            

* مواضع الجهاد في سبيل الله:

قاله ﷺ «وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»

* قال الشيخ محمد العثيمين:

الموضع الأول: إذا استنفركم وليُّ أمركم للجهاد في سبيل الله، فانفروا وجوبًا.

وحينئذ يكون الجهاد فرضَ عين؛ إذا استُنْفِر الناسُ للجهاد؛ وجب عليهم أن ينفروا، وألَّا يتخلف أحد؛ إلَّا مَن عَذَرَه اللهُ.

 لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ﴾ (التوبة: 38، 39)

الموضع الثاني: إذا حضر بَلْدَةً العدوُّ.

أي: جاء العدوُّ حتى وصل إلى البلد، وحَصَرَ البلدَ، صار الجهادُ فرضَ عين، ووجب على كل أحد أن يقاتل؛ حتى على النساء والشيوخ القادرين في هذه الحال؛ لأن هذا قتال للدفاع عن بلدهم.

الموضع الثالث: إذا حضر الصف.

 والتقى الصفَّانِ؛ صَفُّ الكفار وصَفُّ المسلم؛ صار الجهاد حينئذ فرض عين

ولا يجوز لأحد أن ينصرف.

كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الأنفال: 15، 16].

الموضع الرابع: إذا احتيج إلى الإنسان.

 بأن يكون السلاح لا يعرفه إلا فَرْدٌ من الأفراد، وكان الناس يحتاجون إلى هذا الرَّجُل؛ لاستعمال هذا السلاح الجديد مثلًا؛ فإنه يَتعيَّن عليه أن يجاهد وإن لم يستنفره الإمام؛ وذلك لأنه مُحْتَاج إليه.

ففي هذه المواطن الأربعة يكون الجهاد فرض عين؛ وما سوى ذلك فإنه يكون فرض كفاية. .(شرح كتاب رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين 1/25ـ26ـ27)

                                 

 * طلب العلم من الجهاد :

السؤال: ما الأفضل في هذا الوقت: الجهاد في سبيل الله، أم طلب العلم ونفع الناس وإزالة الجهل؟

* قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله:

طلب العلم من الجهاد، وهو واجب للتفقه في الدين وطلب العلم من أفضل الأعمال. ولكن عليه أن يتعلم ويتفقه في الدين، وهو أفضل ومقدم على الجهاد؛ لأنه واجب عليه أن يتفقه في دينه، والجهاد مستحب فرض كفاية؛ إذا قام به البعض سقط عن الباقين، لكن تعلم الإنسان العلم أمر مفترض عليه ليتفقه في دينه.

أما الجهاد الواجب؛ الذي يهجم العدو على البلد، فيجب على الجميع الجهاد إذا هجم العدو على بلاد المسلمين، وجب عليهم كلهم أن يجاهدوا، وأن يدفعوا شر العدو كلهم، حتى النساء يجب عليهن أن يدفعن شر العدو بما استطاعوا. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 24/ 74).

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق