السبت، 30 يناير 2016


 

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح أحاديث رياض الصالحين باب الإخلاص وإحضار النية




1-باب الإخلاص وإحضار النية
في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية

قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة:5]،

وقال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج:37]،

وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران:29] .

الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ((باب الإخلاص وإحضار النية، في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية)):
((النية)) محلها القلب ، ولا محل لها في اللسان في جميع الأعمال ؛ ولهذا كان من نطق بالنية عند إرادة الصلاة، أو الصوم، أو الحج، أو الوضوء، أو غير ذلك من الأعمال كان مبتدعاً قائلاً في دين الله ما ليس منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسم كان يتوضأ ، ويصلي ويتصدق ، ويصوم ويحج، ولم يكن ينطق بالنية، فلم يكن يقول : اللهم إني نويت أن أتوضأ ، اللهم إني نويت أن أصلي، اللهم إني نويت أن أتصدق ،اللهم إني نويت أن أصوم، اللهم إني نويت أن أحج، لم يكن يقول هذا؛ وذلك لأن النية محلها القلب، والله عز وجل يعلم ما في القلب ، ولا يخفي عليه شيء؛ كما قال الله تعالى في الآية التي ساقها المؤلف: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 29] .
ويجب على الإنسان أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى في جميع عباداته، وأن لا ينوى بعباداته إلا وجه الله والدار الآخرة.
وهذا هو الذي أمر الله به في قوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ﴾، أي مخلصين له العمل، ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة:5] ، وينبغي أن يستحضر النية، أي: نية الإخلاص في جميع العبادات.
فينوى مثلاً الوضوء ، وأنه توضأ لله، وأنه توضأ أمثالاً لأمر الله.
فهذه ثلاثة أشياء:
1- نية العبادة.
2- ونية أن تكون لله.
3- ونية أنه قام بها امتثالاً لأمر الله.
فهذا أكمل شيء في النية.
كذلك في الصلاة : تنوي أولاً: الصلاة، وأنها الظهر ، أو العصر ، أو المغرب ، أو العشاء، أو الفجر ، أو ما أشبه ذلك ، وتنوي ثانياً: أنك إنما تصلي لله عز وجل لا لغيره، لا تصلي رياءً ولا سمعة، ولا لتمدح على صلاتك، ولا لتنال شيئاً من المال أو الدنيا، ثالثاً : تستحضر أنك تصلي امتثالاً لأمر ربك حيث قال: ﴿أَقِمِ الصَّلاة﴾ ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ إلى غير ذلك من الأوامر.
وذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ عدة آيات كلها تدل على أن النية محلها القلب ، وأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ عالم بنية العبد ، ربما يعمل العبد عملاً يظهر أمام الناس أنه عمل صالح ، وهو عمل فاسد أفسدته النية، لأن الله ـ تعالى ـ يعلم ما في القلب ، ولا يجازى الإنسان يوم القيامة إلا على ما في قلبه،

لقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ () يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ () فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق:8-10] ،يعني :يوم تختبر السرائر ـ القلوب ـ كقوله: ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ () وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ [العاديات:9-10] .
ففي الآخرة: يكون الثواب والعقاب ، والعمل والاعتبار بما في القلب.
أما في الدنيا : فالعبرة بما ظهر، فيعامل الناس بظواهر أحوالهم، ولكن هذه الظواهر: إن وافقت ما في البواطن، صلح ظاهره وباطنه وسريرته وعلانيته، وإن خالفت وصار القلب منطوياً على نية فاسدة_ نعوذ بالله _ فما أعظم خسارته ‍‍‍‍‍!! يعمل ويتعب ولكن لا حظ له في هذا العمل؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه)( أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (2985). .
فالله الله!! أيها الإخوة بإخلاص النية لله سبحانه وتعالى!!واعلم: أن الشيطان قد يأتيك عند إرادة عمل الخير، فيقول لك: إنك إنما تعمل هذا رياءً، فيحبط همتك ويثبطك ولكن لا تلتفت إلى هذا ، ولا تطعه، بل اعمل ولو قال لك: إنك إنما تعمل رياء أو سمعة؛ لأنك لو سئلت: هل أنت الآن تعمل هذا رياءً وسمعة؟لقلت : لا!!إذن فهذا الوسواس الذي أدخله الشيطان في قلبك، لا تلتفت له، وافعل الخير؛ ولا تقل: إني أرائي وما أشبه ذلك.

وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


 

الأربعاء، 27 يناير 2016

 
بطاقات دعوية عن الشرك الأصغر
 
 
 
 
 
 
 
 
 








 
 
تفسير سورة المسد
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
أبو لهب هو عم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان شديد العداوة ‏‏والأذية‏ للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا فيه دين، ولا حمية للقرابة ـ قبحه الله ـ فذمه الله بهذا الذم العظيم، الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة.
فقال‏:‏ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ أي‏:‏ خسرت يداه، وشقى
‏{‏وَتَبَّ‏}‏ فلم يربح،
{‏مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ‏}‏ الذي كان عنده وأطغاه، ولا ما كسبه فلم يرد عنه شيئًا من عذاب الله إذ نزل به.
{‏سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ‏} أي‏:‏ ستحيط به النار من كل جانب.
هو{‏وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ‏} ‏.‏ وكانت أيضًا شديدة الأذية لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتلقي الشر، وتسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتجمع على ظهرها من الأوزار بمنزلة من يجمع حطبًا، قد أعد له في عنقه حبلًا
‏{‏مِنْ مَسَدٍ‏}‏ أي‏:‏ من ليف‏.‏
أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلًا من مسد، وعلى كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيعذبان في النار ولا بد، ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة‏.‏(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ866)
 
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين 

 
 

الثلاثاء، 26 يناير 2016

 
تفسير سورة الإخلاص

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

‏[‏وهي‏]‏ مكية

‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


‏{‏قُل‏}‏ قولًا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه،

 

{‏هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏} أي‏:‏ قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل‏.‏

 

‏{‏اللَّهُ الصَّمَدُ‏}‏ أي‏:‏ المقصود في جميع الحوائج‏.‏ فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي ‏كمل في رحمته الذي‏‏ وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه

 


 

{‏وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏} لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى‏.‏ فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات‏.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ866)
 
 

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين‏

 

 
 

الاثنين، 25 يناير 2016

 
 
تفسير سورة الفلق
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين
[
وهي] مكية
{ 1 - 5 } {
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(

أي: { قل } متعوذًا
{ أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم
{ بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
{
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم،
 فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.

)
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.

(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه ومن أهله.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 867)
.وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
 
 
 

السبت، 23 يناير 2016


·      تفسير سورة الناس

·        الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين

[‏1 ـ 6‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن ‏‏لهم‏ الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي‏:‏ يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه‏.‏

فينبغي له أن ‏‏يستعين و‏ يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم‏.‏

وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها‏.‏

وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ‏}‏ ‏.‏ (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 867)

وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين