شرح كتاب رياض الصالحين
(1ـ باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية]
* الآيات القرآنية الواردة في هذا الباب:
قال الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة: 5)
وقال تعالى( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج: من الآية37)
وقال تعالى (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) (آل عمران: من الآية29)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
قال المؤلف رحمه الله تعالى(باب الإخلاص وإحضار النية، في جميع الأعمال والأقوال البارز والخفية)
النية: محلها القلب، ولا محل لها في اللسان في جميع الأعمال؛
لأن النبي صلي الله عليه وسم كان يتوضأ، ويصلي ويتصدق، ويصوم ويحج، ولم يكن ينطق بالنية، فلم يكن يقول: اللهم إني نويت أن أتوضأ، اللهم إني نويت أن أصلي.
يجب علي الإنسان أن يخلص النية لله سبحانه وتعالي في جميع عباداته، وأن لا ينوى بعباداته إلا وجه الله والدار الآخرة.
وهذا هو الذي أمر الله به في قوله: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ) ، أي مخلصين له العمل
(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) وينبغي أن يستحضر النية، أي: نية الإخلاص في جميع العبادات, فينوى مثلاً الوضوء، وأنه توضأ لله، وأنه توضأ أمثالاً لأمر الله.
* فهذه ثلاثة أشياء:
نية العبادة, ونية أن تكون لله, ونية أنه قام بها امتثالاً لأمر الله.
* مثال في الصلاة:
أولاً: الصلاة، وأنها الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء ن أو الفجر، أو ما أشبه ذلك،
ثانياً: أنك إنما تصلي لله عز وجل لا لغيره، لا تصلي رياء ولا سمعة، ولا لتمدح على صلاتك، ولا لتنال شيئاً من المال أو الدنيا،
ثالثاً: تستحضر أنك تصلي امتثالاً لأمر ربك .
ربما يعمل العبد عملاً يظهر أمام الناس أنه عمل صالح، وهو عمل فاسد أفسدته النية، لأن الله يعلم ما في القلب
ولا يجازى الإنسان يوم القيامة إلا على ما في قلبه
لقوله تعالى (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) (العاديات: 9-10) .
ـ في الآخرة: يكون الثواب والعقاب، والعمل والاعتبار بما في القلب.
ـ في الدنيا: فالعبرة بما ظهر، فيعامل الناس بظواهر أحوالهم، ولكن هذه الظواهر: إن وافقت ما في البواطن، صلح ظاهره وباطنه ، وإن خالفت وصار القلب منطوياً على نية فاسد.
كما جاء في الحديث الصحيح :
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
قال اللّه تبارك وتعالى (أنا أغْنَى الشُّركاء عن الشِّرك، مَن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) رواه مسلم 2985)
واعلم:
أن الشيطان قد يأتيك عند إرادة عمل الخير، فيقول لك: إنك إنما تعمل هذا رياء، فيحبط همتك ويثبطك ولكن لا تلتفت إلي هذا، ولا تطعه، بل اعمل ولو قال لك: إنك إنما تعمل رياء أو سمعة؛ لأنك لو سئلت: هل أنت الآن تعمل هذا رياء وسمعة؟ : لا!!
إذن فهذا الوسواس الذي أدخله الشيطان في قلبك، لا تلتفت له، وافعل لخير؛ ولا تقل: إني أرائي وما أشبه ذلك.(شرح كتاب رياض الصالحين الشيخ محمد العثيمين 1/ 9ـ10ـ11)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين